الجمعة، 17 أكتوبر 2014

رحيل المرافئ القديمة انطباعات أولية.

رحيل المرافئ القديمة انطباعات أولية.

     يجسد هذا العمل المتميز آثار اللهيب والحرائق والدمار التي خلفتها النكسة على النفوس والضمائر، إنها الحيرة المعلقة على جدران الصمت الخرساء التي تقوى على التعبير أفضل مما تفعله الألسن الغائرة في الحناجر بألف لغة ولسان.
     يُمثل الهرب الدائم والفرار المستمر في دروب الخرائط الممزقة وعبر الخرائب القديمة والمقابر المنسية التي حالت إلى جذوة الحياة ونسغها بعيدا عن عذابات وجراح الصور الباهتة والهياكل المحنطة في واقع الناس.
     إنه قلق الحقيقة وسوطها المسلط مثل سيف دموقليس الذي يلاحق جلد الأحياء فيبدلونه بآخر كالحيات، إنه شؤم التاريخ ونُذر الجغرافيا المتجسد في وباء الكذب والنفاق اللذين أعقبا النكسة.
     لعلها بكائيات أطلال الموت المنبعثة من رماد الأحلام والأمنيات، ومرثيات الحزن المنغرس في قلوب مدمية برائحة المنون ولون الأكفان.
     تلك هي انطباعاتي عند قراءة هذا العمل الفريد للموهوبة غادة السمان، بحيث تجد نفسك تعيش مرارات الهزيمة مثلما عاشها جيل بأكمله الذي وقف على حافة الاحتراق البطيء المسكون بدفق الجنون والحيرة والذهول.  
18/10/2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق